وُلِدَ البارُّ ﴿ نيلُوس Νεῖλος ﴾
في قريةِ تُدعى "القدِّيس بطرُس" في قضاء ( كينُوريَّا Κυνουρία )
أَواخر القرن السَّادِس عَشَر (16)
اسمه العلماني
"نيكولاوُس Νικόλαος " تتلمذ وهو صغيرٌ في
السن على يد عمِّه " مكاريُوس Μακάριος " الراهب الـمقيم في دير رقاد والدة الإِله
" مالِڤي Μαλεβή " الـموجود قُرب بلدتِهِ.
عَمُّهُ هذا علَّمه الحروفَ الـمُقدَّسَة وفضائل الحياة في الـمسيح وقاده إِلى السِّيامةِ كاهنًا في ديره.
كان الأثنان مُلتهبَين شوقًا أَن يمتلكوا الحياة الإلهية السامية ولهذا السبب تركا وطنهما وأتيا إِلى جَبَلِ آثُوس الـمقدَّس، حيث ابتاعا من دير " اللاڤْرا الكُبْرَى Μεγίστη Λάυρα " مكانًا لهما. قُرب هذا الـمكان كان لا يوجد إِلاَّ صَومعةُ القدِّيس " سِمعان الشَّيخ قابل الإله ". بجهدٍ كبيرٍ صَنَعا الـمكانَ الصحراويَّ الذي لا يُسكَن مسكنًا صالحًا ليقيما فيه، وتنسَّكا في مغارة قرب هذا الـمكان الذي سَمَّياه " الصخرةَ الـمقدَّسَة " نسبة إلى مكان منشئهم .شيَّدا كنيسةً صغيرة على اسم "دخول الـسَّيِّد إلى الهيكل " وباشرا بما لهما من خِبرةٍ في رسم الأيقونات فرسما الكنيسة. التهب القدِّيس " نيلُوس Νεῖλος " بالعشق الإلهي مما دفعه أن يتوق أكثر إلى الهدوء. ذهب إلى مغارةٍ لها فتحتان تؤديان إلى مُنحدرَين خطيرَين، في هذا الـمَنسك صلى بحرارة ودموع غزيرة مجاهدًا بالسهرانيَّاتِ والـمطَّانيَّات [السَّجدَاتِ] والأَصوام. صبرُهُ كان عظيمًا على التَّجارب والتَّخيُّلات والأرواح الشرِّيرة التي حاولت جاهِدَةً في كثيرٍ من الأحيان أَن ترميه من أَعلى الـمغارة إِلى الوادي كي يترك الـمَنسك، ولكن كانت هناك أيضًا ظهورات أخرى سماوية بُغية تعزيته.
في هذا الـمَنسَك بنى كنيسةً بيديه على اسم " يوحنا اللاهوتيّ "، وكان يقيم الليتورجيَّا الإلهية كي يُناوِلَ النُّسَّاكَ والـمُتوحِّدين في " كَاپْسُو كَالِيڤِي " .
لقد مجَّده الله العارف قلبه وضميره إِبَّانَ رُقادِه برؤيةٍ ملائكيةٍ، تمَّ ذلك في (12) / (11) في عيد القدِّيس " نيلُوس السِّنائي " بعمر ناهز الــ (50) عامًا. دَفَنَهُ تلاميذُهُ قُربَ الـمغارة، وفاح من جسده طيبٌ زكي الرائحة جاريًا كنافورةٍ من القبرِ إلى البحرِ، وهذه ظاهرةٌ فريدةٌ من نوعها أن ينساب طيبٌ من ارتفاع (250) مترًا إلى أمواج البحرِ. وقد شفى في ذلك الوقت جميع أمراض الذين صلوا لهُ بإيمان.
في ذلك الحين أتى البار " أَكاكِيُوسْ Ακἀκιος " للتَّنسُّك في منحدرٍ قبالةَ الـمغارة وبسبب وجود ضجَّة كبيرة جرَّاء انتشار خبر فيض الطِّيب، إِذ كان الـمؤمنون يأتون ليأخذوا الطيب العجائبي، والقراصنةَ كانوا يأْسرون الـمؤمنين القادمين من البحر، واللصوصَ يسرقون الـمؤمنين الآتين من البر ويذيقونـهم من العذاب أشَدّه. صلَّى البار " أَكاكِيُوسْ Ακἀκιος " إِلى اللهِ أن يوقِفَ هذه الضجة ، والله أَوقفَ جريان الطِّيب .
صَنَعَ القدِّيس ﴿ نيلُوس Νεῖλος ﴾ عجائب كثيرةً لرُهبان " كابْسُو كاليڤي " الذين أَصلحوا الـممرَّ وصنعوا أَدراجًا بنوها في الـمُنحدر الرهيب.
كانوا يقيمون الليتورجيَّا الإلهية في الكنيسة التي بناها في الـمغارة. فيما بعد أرادوا أن يبنوا كنيسةً أكبر على اسمه وفيما هم يحفرون أساسات الكنيسة وجدوا قبرَ القدِّيس ﴿نيلُوس Νεῖλος﴾ ورفاته التي فاح منها أَريجًا عَطِرًا، ونقلوها إِلى دير " اللاڤْرا الكُبْرَى Μεγίστη Λάυρα " بتبجيلٍ وإكرامٍ، فاستقبلها البطريرك " غريغوريوس " الخامس الـمنفي .
صار ذلك في (7) أَيَّار / مايو (1812) وهو عيد نَقْلِ رُفاتِه؛
ترك الرهبانُ من رفات القدِّيس الفَكَّ السفلي وذِراعَهُ في الـمَنسَك لتقديس النُّسَّاك والزوَّار .
في كنيستنا يوجد جزءٌ كبير من هذه الرُّفات الـمُقدَّسَة.